الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
وفيه خمس عشرة مسألة الأولى: في التنبيهات: أمهات الأولاد ساداتهن الأحرار لهن حكم الأحرار في ستة أوجه، والعبيد في أربعة أوجه فلا يبعن في دين ولا غيره، ولا يرهن، ولا يوهبن، ولا يؤاجرن، ولا يسلمن في جناية، ولا يستسعين، وحكم العبيد في انتزاع مالهن ما لم يمرض السيد، ويجبرن على النكاح في أحد القولين، ويستخدمن الخدمة الخفيفة مما لا يلزم الحرة ويستمتع بهن كالأمة. الثانية: في الكتاب: إذا ولدت في حياة سيدها أو بعد موته أو بعد أن اعتقها لما تلد له النساء لحقه، إلا أن يدعي الحي استبراء وينفي الولد. الثالثة: إذا أرتد ولحق بدار الحرب أو أسر فتنصر بها وقف ماله وأم ولده ومدبروه، وتحرم على المرتد أم ولده في ردته حتى يسلم فترجع إليه مع ماله؛ لأن المنافع الإذن فيها تابع لاستقرار الحياة، وحياة المرتد مطلوبة الإعدام، وإن قتل عتقت من رأس المال، ومدبره في الثلث بمقتضى العقود وتبطل وصاياه، وماله للمسلمين، قال ابن يونس: قال أشهب: يعتق بالردة كما تبطل عصمة الزوجة، قال: وهو أقيس؛ لأن القاعدة: أن أم الولد إذا حرم وطؤها عتقت كالنصراني تسلم أم ولده، والردة أشد؛ لأن من أسلمت امرأته هو أملك بها إن أسلم في عدتها، وإذا ارتد لا تحل له إلا بنكاح جديد بعد إسلامه، ولأنه أدخل الردة في مدة الإيقاف بخلاف أم ولد النصراني؛ لأنه لا يجبر على الإسلام، وتبطل الوصية؛ لأنه كان أوصى حال ردته لما كان له الرجوع، ووصية المرتد باطلة للحجر عليه في ماله، قال اللخمي: قال أشهب في الزوجة: إن لم يتب حتى انقضت العدة بانت، وكان الطلاق من يوم أرتد، فإن تاب قبل انقضائها بقيت على الزوجية كإسلام المرأة فعلى هذا تكون أم الولد في الاستبراء إن تاب قبل فراغ الحيضة حلت له، وإلا حرمت، وكانت حرة من يوم الردة. الرابعة: في الكتاب: إن أسلمت أم ولد الذمي: قال مالك مرة: توقف حتى يموت أو يسلم فتحل له، ورجع إلى أنها تعتق، وولاؤها للمسلمين؛ لأنه لم يبق فيها إلا الوطء قد حرم، ولا يستسعيها في قيمتها، فإن أسلم بعدها قبل أن تعتق فهو أحق بها وتبقي له أم ولد، وإن طال ما بين إسلامها وما مات من غير سيدها الذمي بعد أن أولدها لا تعتق بإسلامها؛ لأن الابن يتبع الأب في الدين، وإن أسلم كبار الولد لم يعتقوا إلا بموت السيد، وإن أسلمت أم ولد المكاتب الذمي، وسيدها ذمي أو مسلم وقفت، فإن أدى الكتابة عتق وعتقت، أو عجز رقت وبيعت، قال ابن يونس: قال محمد: إن أسلمت أم ولد الذمي عرض على سيدها الإسلام، فإن امتنع عتقت بالحكم قاله مالك وأصحابه، قال ابن عبد الحكم: إن اسلم قبل حيضة فهو أحق أو بعدها عتقت كإسلام امرأته، قال بعض الشيوخ: إذا وقفت حتى تموت أو يسلم، نفقتها على سيدها يحسبها له فإن لم يكن له مال ولا لها: عتقت، كما قيل: إن عجز المسلم عن نفقة أم ولده عتقت كما تطلق الزوجة، وقيل في العجز عن النفقة بزوجها، وهو الفرق بينها وبين الزوجة، وإن أسلم هو دونها بقيت له أم ولد. فرع: قال ابن يونس: إن مات الذمي وتحاكم الوارث وأم الولد إلينا: قال ابن وهب: منعناه من البيع وإن رضوا بحكمنا لم يمكنوا من الرجوع عنه، وكذلك إن حلف بطلاق امرأته وعتق عبده، فرفعت المرأة أو العبد ذلك للحاكم طلق عليه وأعتق، قال سحنون: وهو خلاف مالك وأصحابه، وإن جنت أم ولد الذمي جبر على افتكاكها بخلاف لو جنى ولدها لم يجبر بل يفديه بدية الجناية أو يسلم خدمته حتى يوفي الجناية منها، فإن مات السيد أتبع الولد ببقية الجناية إن بقي شيء، قال اللخمي: على القول بالعتق هل يفتقر إلى الحكم لأنه مختلف فيه أم لا؟ قولان لمالك وابن عبد الحكم. الخامسة: في الكتاب: تمتنع كتابة أم الولد بخلاف عتقها على مال يتعجله، وتفسخ الكتابة إلا أن تفوت بالأداء فتعتق، ولا يرجع فيما أدت؛ لأن لك الانتزاع ما لم تمرض، والكتابة لا تزيدها خيرا فلا تشرع، وليس لك فيها خدمة ولا استسعاء ولا غلة بل المتعة، وكذلك الخدمة في أولادها من غيرك ممن ولدته بعد ولادتها منك؛ لأنك لا تطؤهم فلم يبق إلا الخدمة، ويعتقون كأمهم بعد موت السيد، ولك تعجيل عتقها على دين يبقى عليها برضاها، قال يحيى بن سعيد: فإن مات السيد أتبعت بذلك بخلاف الكتابة لتحصيل ذلك المال تعجيل عتق، وإن كاتب الذمي أم ولده فأسلمت عتقت وسقطت الكتابة، قال ابن يونس: قيل: إذا كاتبها في مرضه ودفعت إليه شيئا ينبغي أن ترجع بذلك عليه، وتطالب تركته إن مات، وقوله في كتابة الذمي أم ولده فتسلم أنها تعتق: مبني إما على قوله في إسلام أم ولده: أنها تعتق، أما على قوله: توقف حتى يسلم أو يموت فتعتق بين التمادي على كتابتها فتعتق بأدائها، أو تعجز نفسها وتبقى موقوفة له، وعلى القول بأن أم ولده تباع إذا أسلمت، ويدفع له ثمنها: تباع كتابتها ولا يكون أسوأ حالا منها، قال اللخمي: قال الأبهري: إن رضيت أم الولد بالكتابة جاز وهو أصل مالك؛ لأن الحر لو وهب منافعه وكسبه صح وهاهنا أولى؛ لأنها تتعجل بذلك عتقا فإن خيرها وأدت عتقت ولم ترد، وإن علم به قبل الوفاء فاختارت الإمضاء صح وإلا امتنع من طلبها، وكذلك يجوز عتقها على مال في ذمتها إن رضيت وإلا فلا يلزمها، ويمضي العتق بلا مال، وكذلك القطاعة وإن مات السيد قبل وفاء الكتابة أو القطاعة عتقت وسقط ذلك عنها، وإن تعجلت العتق على مال يكون في ذمتها فمات السيد قيل وفائه لم يسقط عنها. السادسة: يمتنع بيع أم الولد، وقاله الأئمة، ولبعض الشافعية وداود وبشر المريسي: جواز البيع، لنا: قوله عليه السلام: (أيما رجل ولدت أمته فهي معتقة عليه عن دبر منه) وبقوله في أم ولده إبراهيم: (أعتقها ولدها) والحر لا يباع، وروى مالك: قال عمر رضي الله عنه: أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها، ولا يهبها، ولا يورثها ويستمتع بها ما عاش، فإن مات فهي حرة، وفي الصحاح حديث أبي سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيا من سبي العرب، فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا الفداء، فأردنا أن نعزل... الحديث، فقوله: أحببنا الفداء يدل على أن الحمل يمنع المعاوضة، وانعقد الإجماع على منع بيعها حالة الحمل، والأصل: بقاء الإجماع والمنع، احتجوا بقوله تعالى: (وأحل الله البيع) ونحوه، وعن جابر: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر، وصدر من خلافه عمر ثم نهانا فانتهينا، ولأنه لو أعتق ولد أمة في بطنها لم تصر حرة ولم يمتنع بيعها فكذلك أم الولد، ولو زوج أمته من ابنه فإنها تعتق بحر، ومع هذا لا يزول الملك عنها ولا يمتنع بيعها. والجواب عن الأول: أن نصوصنا أخص من تلك الظواهر فتقدم. وعن الثاني: تحمل على بيعهن إذا ولدن من الغير توفيقا بين الأدلة أو ذلك بغير علمه عليه السلام كما قال ابن عمر: كنا نخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى روى لنا رافع بن خديج نهيه عليه السلام عنها فانتهينا. وإذا حمل على الولادة من الأزواج يكون نهي عمر على الكراهة. وعن الثالث: إذا أعتق حملها تكون علقت برقيق طرأ عليه العتق، وهاهنا بحر أصالة فتسري إليها حريته. وعن الرابع: أن الولد يخلق مملوكا، والعتق على الابن لأنه أخوه. فرع: في الكتاب: إن أعتقها المبتاع نقض البيع والعتق، وعادت أم ولد فإن ماتت بيده قبل الرد ضمنها، ويرد الثمن، وإن ماتت بعد موت البائع أو قبله أو بقيت يتبع البائع بالثمن في ذمته مليا أو معدما، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إن جهل موضع المبتاع فعلى البائع طلبه حتى يرد إليه الثمن ماتت أم الولد أو بقيت، فإن أولدها المبتاع: قال مالك: لحقه الولد بغير قيمة فيه؛ لأن البائع أباحه فرجها بخلاف لو بيعت عليه بغير طوعه له، وقال عبد الملك: عليه قيمة الولد عبدا، وقال ابن عبد الحكم: على أنه يعتق بموت البائع، فإن زوجها المبتاع لعبده فولدت منه ردت مع ولدها، ولولدها حكم ولد أم الولد، وقال أصبغ: ذلك سواء أولدها المشتري أو زوجها، لا قيمة للبائع في ولدها؛ لأنه أباحها، قال أصبغ: وإن باعها فشرط أنها حرة لم ترد، وولاؤها لسيدها، ويسوغ له الثمن لعلم المبتاع بأخذها لا على أن يعتقها فإن باعها على أن يعتقها المبتاع لا على أنها حرة من حينها ردت ما لم تفت بالعتق فيمضى، والولاء للبائع، ويسوغ له الثمن لعلم المبتاع ولو لم يعلم لرجع بالثمن، قال اللخمي: ظاهر المذهب إذا نقص البيع لا شيء على البائع من نفقة المشتري عليه ولا له قيمة خدمتها لأن الخراج بالضمان، وقال سحنون: يرجع عليه بالنفقة، والآخر بالخدمة؛ لأنها غير مضمونة، ولو أخذها السيد ففاتت الإجارة لكانت للسيد، واختلف في المستحق بحريته: قال ابن القاسم: لا شيء على المشتري من خراجه، وخالفه المغيرة لأنه غير مضمون، وإذا رد إليه تحفظ منه عليها لئلا يعود لبيعها، ولا يمكن من السفر بها، فإن لم يمكن التحفظ عتقت عليه كقول مالك في بائع امرأته. السابعة: قال ابن يونس: قال أصبغ: إن قال لأم ولده: إن وطئتك فأنت حرة لم تعتق عليه؛ لبقاء التلذذ بغير الوطء، ولو كان يملك أختها لم تحل له حتى يحرم فرج هذه بغير هذه الأيمان. الثامنة: قال: قال مالك: إذا مات سيدها وبيدها حلي ومتاع فهو لها؛ لأن اليد توجب الملك إلا الأمر المستكثر، وكذلك ما كان لها من ثياب إن عرف أنها كانت تلبسها في حياة سيدها، وعنه: الحلي، واللحاف، والفراش، والثياب لها، ومتاع البيت يحتاج فيه للبينة وإن كان من متاع النساء بخلاف الحرة، وعنه: إن وصى عند موتها أنها إن قامت على ولدها تدعوا لها ما كان لها من حلي وكسوة، وإن لم تقم وتزوجت فخذوه فليس ذلك له بل هو لها متى مات، وليس له في مرضه انتزاع ما كان أعطاها، وكذلك المدبرة. التاسعة: قال في الجواهر: إن جنت فعلى السيد فداؤها قياسا على القن الذي منع من بيعه لسبب، قال وإذا قتلها فبالأقل من أرش الجناية عليها وعلى ولدها له، وقيمتها في جناية القتل وقيمتهم فإن مات قبل قبض الأرش فهل هو لوارثه أو يتبعها كمالها؟ روايتان. في المنتقى: وإذا قومت في الجناية، قال مالك: تقوم بغير مالها، قال: وأرى أن تقوم بمالها، وقاله عبد الملك كالأمة القن فإن ماتت بعد الجناية: قال ابن القاسم: لا شيء للمجروح من مالها؛ لأنها لو كانت حية لقومت بغير مالها، وقال عبد الملك: إن كان غنيا أدى منه الأرش فإن لم يف لم يكن له غيره، وإن كان عرضا خير سيدها في فدائه أو إسلامه فإن تكررت جنايتها وتعقب كل جناية الحكم فيها فحكم الثانية وما بعدها حكم الأول، أو تكررت قبل القيام عليها: فعن مالك: ليس عليه إلا قيمتها بجميع الجنايات كالقن إذا جنت جنايات، وقاله (ح) وأحد قولي (ش). ولا يرجع على أم الولد إذا عتقت بشيء من جناياتها إذا حكم على السيد بالقيمة؛ لأنها تتعلق بقيمتها دون ذمتها. العاشرة: قال صاحب الإشراف: ليس له إجارتها خلافا ل (ح) و(ش) قياسا على بيعها. الحادية عشرة: قال ابن القصار عن مالك: له أن يجبرها على الزواج، وعنه: لابد من أذنها، وعنه: ولا يأذنها، وبهذه الرواية قال (ش)، وبالجبر قال (ح) كالأمة القن، وكالمدبرة، واشتراط الإذن لما فيها من شائبة الحرية، وقياسا على المكاتبة، ووجه المنع: لنقص الملك عن الجبر، ولم تكمل الحرية فامتنع التزويج، كنقص العمر عن التزويج في الصغيرة وهي تكمل فامتنع تزويجها، وعلى المنع فهل يمتنع تزويج الحاكم؟ قاله القاضي أبو الحسن لأنه نائب عنها، وكل واحد منهما ناقص، وفي الجلاب: يكره له أن يزوجها برضاها؛ لأنه تمكين غيره من فراشه، وهو تأباه المروءة. في المنتقى فإن زوجها: قال ابن القاسم في المدونة: لا نفسخه. الثانية عشرة: قال الباجي في المنتقى: قال ابن القاسم: لا يتبعها في الخدمة وإن كانت دنية بل تخدم الدنيه فيما خف، وقال (ش) و(ح): له فيها الخدمة مع الاستمتاع، قال: وهو الأظهر - عندي - استصحابا للملك في ذلك، وقياسا على أولادها. الثالثة عشرة: قال: عليه الإنفاق عليها فإن أعسر ففي عتقها عليه قولان بناء على أنها تحصل النفقة بالزواج، قياسا على الأمة إذا أعسر بنفقتها فإن غاب عنها ولم يترك نفقة فهل تعتق عليه لأن تزويجها مكروه أو يزوجها الحاكم؟ قولان. الرابعة عشرة: قال: حكمها بعد موته حكم الحرائر إن ولدت قبل وفاته فإن مات وهي حامل: فعن مالك: تمت حرمتها، وقال المغيرة: يوقف أمرها لاحتمال أن يكون ريحا، قال صاحب المقدمات: إيقافها يروى عن مالك، وعليه تكون لها النفقة، ويختلف على القول بأنها تكون حرة بتبين الحمل هل لها نفقة على الخلاف في أم الولد الحامل هل لها نفقة في تركة سيدها؟ لمالك قولان، ولم يختلف قوله: أن الحرة لا نفقة لها من مال زوجها، وإن حبسها الميراث. الخامسة عشرة: في الجلاب: من أحاط الدين بماله فحملت أمته منه لم تبع في دينه كالمريض يطأ فتصير أم ولد، وتعتق وترد بالفعل أقوى من القول. قال شارح الجلاب: إلا أن يحجر عليه قبل الوطء فتباع في الدين بعد الوضع. تم كتاب أمهات الأولاد، وبتمامه تم الجزء الحادي عشر يليه الجزء الثاني عشر وأوله كتاب الجنايات
|